ما هي لغة الحب الخاصة بالنرجسي؟

ما هي لغة حب النرجسي الحقيقية؟ وكيف تتحدث بها لصالحك؟

فك شفرة النرجسي: لغات الحب الثلاث التي يستخدمها للسيطرة عليكِ


ـــــــــ

بقلم ليلى سليم

رجل نرجسي تعامل مع امرأةامرأة قوية تفهم لعبة النرجسي وتستخدم استراتيجية ذكية للتعامل مع لغة حبه القائمة على السيطرة

الحب في قاموس النرجسي يعني السيطرة؛ تعلمي لغته ليس لتفوزي بحبه، بل لتفوزي بنفسك.



هل تجدين نفسك أحيانًا، في هدوء الليل، تمسكين بهاتفك وتتصفحين صور النرجسي القديمة أو محادثاتكما التي كانت يومًا مليئة بالوعود؟ هل تشعرين بوخزة في قلبك وتهمسين لنفسك: "هل ما زلت أحبه؟". الغريب، أنه في هذه اللحظة بالذات، قد يشعر النرجسي هو أيضًا بأنه "يحبك". لكن حبه ليس كحبك، ولغته ليست كلغتك.

قبل أن نبدأ في تفكيك شفرة هذا القلب المعقد، تأكدي أن كل كلمة هنا لا تصف الرجل النرجسي فحسب، بل المرأة النرجسية أيضًا، فالاضطراب لا يعرف جنسًا. 

أنتِ تسألين نفسك الآن: "كيف يقول إنه يحبني وهو يفعل بي كل هذا؟ ماذا كان يجمعنا؟ ألم يكن زواجًا وعشرة وعيشًا وملحًا؟". أنتِ تائهة في بحر من التناقضات، وهذا طبيعي. لكن اسمعيني جيدًا: يجب أن تتوقفي فورًا عن ترجمة أفعاله بقاموس الحب الخاص بكِ. حان الوقت لتتعلمي لغته هو؛ اللغة التي يعني فيها الحب "قوة"، والغيرة تعني "ملكية"، والاهتمام يعني "وقود". أنتِ لا ترين الحب في عينيه إلا عندما يرى هو الخوف في عينيكِ. أنتِ لا تشعرين "بحبه" المزعوم إلا عندما يشعر هو باحتياجك المطلق إليه.

هيا بنا نتعمق في لغات الحب الثلاث للشخصية النرجسية.


لماذا تفشلين دائمًا في فهم النرجسي؟

 السبب الجوهري في أنكِ تستخدمين نظام تشغيل مختلف تمامًا. أنتِ تعملين بنظام قائم على العطاء والرحمة والتعاطف، بينما النرجسي يعمل  بنظام قائم على الأخذ والسيطرة وتلبية الاحتياجات الأنانية. عندما يقدم لكِ هدية، أنتِ ترينها تعبيرًا عن المودة، بينما الشخص النرجسي يراها  استثمارًا لضمان ولائك أو وسيلة لإشعارك بالدونية. عندما يقول "أفتقدك"، أنتِ تسمعين شوقًا، بينما يعني هو "مخزوني من الاهتمام قد نفد وأحتاج إلى جرعة منك".

لذلك، فإن الخطوة الأولى نحو الشفاء والتمكين هي التخلي عن قاموسك العاطفي والبدء في قراءة أفعاله من خلال دليله النفسي الخاص.


لغة الحب الأولى: كيف يحول إعجابك إلى وقود لغُروره؟

بالنسبة للشخص النرجسي، الحب ليس شعورًا متبادلًا، بل هو شهادة تقدير. إنه يشعر بالحب عندما يشعر بأنه مهم، مرغوب فيه، وأنكِ لا تستطيعين العيش بدونه. حبك بالنسبة له هو الدليل المادي الملموس على عظمته وتفرده، وهو ما يُعرف في علم النفس بـ "الإمداد النرجسي" (Narcissistic Supply).


كيف يستقبل النرجسي هذا "الحب"؟

النرجسي، سواء كان رجلًا أم امرأة، لغته في الحب تدور حول كلمة واحدة: السيطرة. هو لا يعرف كيف يحب إلا عندما يشعر بأنه في الأعلى، وأنكِ دونه بقليل، فقط ليطمئن أنكِ لن تملكي القوة أبدًا لتهربِي. هو يعيش على فكرة أنه مرغوب فيه دائمًا وأن الجميع حوله لا يستطيعون الاستغناء عنه.

هو لا يقرأ مشاعرك بقدر ما يراقب انفعالاتك. انفعالاتك هي المقياس الذي يقيس به مدى "حبك" وسيطرته.

سيناريو واقعي مع النرجسي:

تخيلي أنه يدخل البيت متأخرًا عن موعده كالعادة. أنتِ تجلسين في صمت، تحاولين التحكم في رعشة يدك التي تفضح غضبك وقلقك. هو ينظر إليكِ بابتسامة فيها استعلاء وبرود، ويسألك: "ما بكِ؟". عندما تردين بهدوء مصطنع: "لا شيء"، هو لا يصدقك، بل يستمتع. هو يرى قلبك الذي يدق بسرعة من القهر والغيرة، وهذا هو "الحب" بالنسبة له.

• هو يشعر برعشة يدك وأنتِ تكتبين له رسالة تعاتبينه فيها على إهماله، ويترجم هذا على أنه "حب".

• هو يسمع صوتك المبحوح وأنتِ تترجينه ليعود إلى البيت مبكرًا، ويترجم هذا على أنه "حب".

• هو يرى في دموعك رائحة انتصاره وسيطرته المطلقة عليكِ، ويترجم هذا على أنه "حب".

إذا كنتِ ما زلتِ معه، ستجدينه يخترع شجارًا من لا شيء، فقط ليحصل على جرعة من الدراما والاهتمام منكِ، ليشعر أنكِ ما زلتِ تحبينه.

إذا انفصلتما من فترة قصيرة، سيراقب كل حركة تقومين بها على وسائل التواصل الاجتماعي، ليتأكد أنكِ ما زلتِ تعانين بدونه.

إذا كان الانفصال طويلًا وهناك أطفال، سيستخدم الأولاد كجواسيس ليعرف أخبارك ويطمئن أنكِ ما زلتِ متأثرة بغيابه.


لغة الحب الثانية: لماذا يعتبر احتياجك له قمة الأمان؟

يشعر النرجسي بالحب والأمان المطلق عندما يراكِ محتاجة إليه، سواء ماديًا أو نفسيًا. احتياجك هذا يثبت له أنه صاحب القوة العليا في العلاقة، وأن خيوط حياتك بين يديه.

هذه اللغة لا تظهر فقط في بخله بالمال، بل في سرقته الممنهجة لأبسط تفاصيل حريتك.


سيناريو واقعي للغة حب النرجسي الثانية:

هل تذكرين كيف كنتِ تقودين سيارتك الخاصة بكل ثقة قبل الزواج؟ بعد الزواج، أقنعكِ ببيعها بحجة أن سيارته موجودة ولا داعي لمصاريف إضافية. اليوم، تجدين نفسك واقفة أمام الباب وابنك حرارته أربعون، وتريدين أن تهرعي به إلى أقرب صيدلية. تتصلين به في عمله لتستأذني في استخدام السيارة، فتسمعين صوته البارد وهو يقول: "لماذا لا تأخذين سيارة أجرة؟ هل أركز في عملي أم في مشاويركم؟".

في تلك اللحظة، تشعرين بطعم الذل والقهر وأنتِ تتسولين منه حقًا هو في الأصل حقكِ؛ حق الحركة والنجدة. وبعد أن تخرج روحك، قد يوافق وكأنه يمن عليكِ بمنحة إلهية. هو يرى في احتياجك هذا قمة الحب، لأنه يشعر بقوته وسيطرته وهو يمسك في يده مفتاح سيارتك، الذي هو في الحقيقة مفتاح سجنك.

الأم النرجسية أيضًا تمارس نفس السيطرة ولكن بقناع الحنية المزيفة. عندما تجد ابنها يعاملكِ ببخل وإذلال، بدلًا من أن تدافع عنكِ، تتصل بكِ لتقول بتمثيلية حزينة: "يا ابنتي، تحمليه قليلًا، إنه مضغوط وأنا قلبي يؤلمني عليه". هي لا تواسيكِ، بل تشعركِ بالذنب وتجبركِ نفسيًا على تحمل أذى ابنها لإرضائها هي. هي تشعر بالحب والسيطرة عندما تراكِ تدوسين على كرامتك من أجلها.


لغة الحب الثالثة: كيف يجد النرجسي المتعة في لذة اللعبة؟

يشعر النرجسي بالحب من خلال الفوز في لعبة نفسية أو قانونية، حتى لو كانت صغيرة. هو لا يلعب ليصل إلى هدف معين، بل يلعب من أجل متعة اللعبة نفسها. إنه يستمتع بخلق الفوضى والدراما ثم الجلوس لمشاهدة الحريق الذي أشعله.

هو لا يكتفي بإلقاء تلميحات عن امرأة أخرى ليثير غيرتك، بل يستخدم أسرار من حولك ليُفسد علاقاتك بهم.


سيناريو واقعي (تكتيك التثليث عند النرجسي):

في يوم ما، يجلس معكِ في لحظة صفاء نادرة ويقول: "سأخبركِ بسر، ولكن لا تخبري أحدًا. أختي فلانة متشاجرة مع زوجها وقد يتطلقان. أنا أخبركِ أنتِ فقط لأنكِ الأقرب لي". بالطبع، تشعرين بالثقة والأهمية وأنكِ مميزة عنده، وتحافظين على سره بمنتهى الأمانة.

بعد أسبوع، تذهبين لزيارة أخته فتجدينها تعاملكِ ببرود وجفاف غريب. تكتشفين لاحقًا بالصدفة أنه هو من ذهب وقال لأخته إنكِ من تتحدثين عنها مع الناس وإنكِ من نشرتِ خبر طلاقها المحتمل.

هو يخلق هذه الفتنة ليحقق عدة انتصارات في نفس الوقت:

1. يُظهركِ أنتِ بمظهر سيء ويقطع علاقتك بأخته ليضمن بقاءك معزولة.

2. يظهر هو في دور الأخ الحنون الذي يدافع عن شرف أخته ضدك.

3. الأهم: يجلس لمشاهدة حالة التوتر والدراما التي خلقها وهو في منتهى السعادة واللذة. عندما يرى ملامح الحزن والارتباك على وجهك، يشعر بانتصار صغير يترجمه داخليًا إلى "حب" وسيطرة.


السؤال الآن: كيف تتحدثين بلغة الحب الخاصة بالنرجسي؟ استراتيجية "الخسارة المزدوجة" الذكية

بما أن لغة حبه هي الأنانية المطلقة، فإن الحل الوحيد لجعله يجري وراءك (ليس بهدف استعادته، بل بهدف إجباره على تحمل مسؤولياته أو تركه لكِ بسلام) هو أن تكلميه بنفس لغته. يتم ذلك عبر خطة الخسارة المزدوجة، التي تضرب على وترين حساسين في نفس الوقت: غروره وخوفه من الخسارة.


الحالة الأولى: إذا كنتِ مطلقة ولديكِ أطفال


الخطوة الأولى 

اجعلي الأولاد يرسلون له رسالة عاطفية واحدة فقط. يمكن أن تكون صورة قديمة تجمعهم به، أو أغنية تذكره بأبوته. هذه الرسالة هي الطُعم الذي يطمئنه أن قلوبهم ما زالت معه وأن تأثيره لم يزل.


الخطوة الثانية (الضربة القاضية):

في نفس اللحظة تقريبًا، يقوم محاميكِ بإرسال إنذار رسمي له بالحبس بسبب تجميد النفقة.


تحليل عقل النرجسي:

عقله المريض سيشعر بأنه محاصر. هو يرى حب أولاده أمامه (إشباع لغروره)، ويرى السجن في انتظاره (خوف هائل). هذه المعادلة تجننه، وتجعله يذوق طعم المستحيل: لكي يصل إلى قلب ابنه، يجب عليه أولًا أن يفتح محفظته. هو لن يجري وراءكِ لأنه يحبك، بل لأنه يخاف من خسارة حب أولاده (مصدر إمداد) وخائف من خسارة حريته.


الحالة الثانية: إذا كان الانفصال عن علاقة غير رسمية (خطوبة أو ارتباط)

هنا لا توجد محاكم أو نفقة، سلاحك الوحيد هو سمعته وصورته أمام الناس، وحربك ستكون نفسية بحتة.


الخطوة الأولى

استخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بذكاء. انشري قصة (Story) وأنتِ في مكان كان له ذكرى جميلة معكما، واكتبي كلامًا عامًا جدًا مثل: "أحيانًا تحتفظ الأماكن بذكريات أقوى من الأشخاص أنفسهم".

عقله المريض لن يرى أنكِ حزينة، بل سيترجمها فورًا إلى أن تأثيره عليكِ ما زال موجودًا وأنكِ عاجزة عن نسيانه. هذه القصة هي صدمة كهربائية لغروره، تطمئنه أنه ما زال الملك المتوج على عرش ذاكرتك.


الخطوة الثانية (الضربة القاضية):

بعد هذه القصة بساعات قليلة أو في اليوم التالي، انشري صورًا لكِ في نفس المكان أو في مكان أجمل، وأنتِ تضحكين من قلبك مع مجموعة من الأصدقاء، أو الأهم، مع رجل آخر يبدو ناجحًا ووسيمًا (أو حتى مجرد صورة ليدك تمسك بيد شخص آخر دون أن يظهر وجهه).


تحليل عقل النرجسي:

هنا يحدث لديه شلل تام في التفكير. بالأمس كان يشعر بالانتصار، وفجأة يرى دليلًا ماديًا على أن شخصًا آخر يأخذ مكانه، وأن حياتك لم تستمر فحسب، بل أصبحت تبدو أجمل. هو يشم رائحة الخسارة الحقيقية ويذوق طعم الذل والغيرة الذي كان يذيقه لكِ. المعادلة المستحيلة هنا هي: "إنها ما زالت تفكر بي، لكنها في نفس الوقت تضيع مني وتكون مع شخص آخر!". هذا الشعور يجعله يريد أن يجري وراءكِ ليعيدكِ إلى سيطرته قبل أن يفقدكِ إلى الأبد، وليثبت لنفسه أنه أفضل من الرجل الجديد.


الحالة الثالثة: إذا كنتِ مطلقة وبدون أطفال

هنا لديكِ سلاح قانوني آخر غير نفقة الأولاد، وهو حقوقك الشرعية الأخرى مثل مؤخر الصداق أو نفقة المتعة والعدة.


الخطوة الأولى 

العبِي على وتر العشرة والذكريات. انشري صورة لكِ وأنتِ ترتدين شيئًا أهداه لكِ قديمًا، واكتبي كلامًا فلسفيًا مثل: "الماضي لا يموت، بل يعلمنا كيف نعيش الحاضر بقوة".

سيفكر بنفس الطريقة: "إنها ما زالت تتذكر أيامي، تأثيري عليها أبدي".


الخطوة الثانية (الضربة القاضية):

في نفس اليوم، يقوم محاميكِ بإرسال إنذار رسمي إلى منزله أو عمله، يطالبه فيه بكل حقوقك المادية المتأخرة، مع تحديد مدة زمنية قصيرة للدفع.


تحليل عقل النرجسي:

هنا يشعر وكأن دلوًا من الماء المثلج قد سُكب عليه. قبل دقائق كان يشعر بالدفء العاطفي من ذكرياتك، وفجأة يجد نفسه أمام ورقة رسمية تهدده في أمواله (أهم شيء في حياته). المعادلة المستحيلة هنا هي: "إنها ما زالت تحمل بعض الحنين، لكنها في نفس الوقت تتحول إلى وحش قانوني سيأكل أموالي". سيفكر: "يجب أن أتصل بها وألعب على وتر الحنية لأجعلها تتنازل". هو يجري وراءكِ لينقذ محفظته منكِ.


الهدف ليس استعادة الحب مع النرجسي، بل فرض الاحترام

يجب أن تفهمي جيدًا أن هدف هذه الاستراتيجيات ليس أن يحبك النرجسي حبًا حقيقيًا، فهذا مستحيل. الهدف هو أن يحترم قوتك، ويتحمل مسؤولياته، وأن يفهم أن الدخول إلى حياتك والخروج منها مرة أخرى له ثمن باهظ جدًا. أنتِ لا تلعبين لعبته، بل تجبرينه على اللعب بقواعدك أنتِ.

شاركي هذا المقال مع كل امرأة ما زالت تحاول فهم لغة الحب الغريبة هذه، لتعرف كيف تترجمها بشكل صحيح. ولا تنسي أن تذكري صديقتك التي تحتاج إلى تعلم كيف تتحدث مع نرجسي بلغته.


أقرأ أيضا على موقع لارسا:


 








google-playkhamsatmostaqltradent