رحلة ذهنية في حياة حمد العزري - موقع لارسا

الدكتور والكاتب حمد العزري

"التحدي الأكبر في الحياة هو تغير السلوكيات"
ـــــــــ
حديث أجرته ليلى سليم

بصفته دكتور جامعي فهو يعرف قوة الكلمة. يجمع المفكر العُماني حمد العزري بين العلم والإيمان وحب الوطن.
حمد العزري: "لدّي علاقة طيبة مع أحد أخوالي وهو من علمني القراءة بشغف. كنت طفلاً يتصفح الكتب بانتظام وجذبتني الغرائب والعجائب والقصص الغامضة. الآن أقرأ عن التاريخ الإسلامي وتطوير الذات ، وتشدني المواضيع من مدارس مختلفة عن ثقافتي ، كالحكم الصينية والحكمة من منظور شيعي  وغيرها".

لماذا اتجهت إلى الكتابة؟

حمد العزري: "قد يكون شغف القراءة هو أهم عامل يؤدي إلى الرغبة في الكتابة. وفعلاً، بدأت في 2006 بتدوين خواطري ، كتبتُ فيها عن تجاربي وتأملاتي في عُمان وأمريكا وعن الحياة اليومية وقدمت ودروساً مبسطة في التسويق ، ثم مع الوقت غيّرت الكتابة طريقة تفكيري ، وكنت حريص على الذهاب لمعرض مسقط للكتاب وتساءلت حينها - أين مساهمتي؟ ، لذا قررت نشر كتابي الأول الذي يحمل نفس اسم المدونة (تأملات)".

حصل الدكتور حمد العزري على شهادتي الماجستير والدكتوراة في علم تسويق الشركات من جامعة برودو (Purdue) الأمريكية ، وقام بالتدريس في قسمي السياحة والتسويق بجامعة السلطان قابوس وفي ذروة مسيرته اتخذ مسارًا مختلفًا.

يقول حمد: "شجعني والديّ على الدراسة والتفوق وتعلمت منهما حب العائلة والتوازن في متطلبات الحياة. أحب اللغة الأيطالية واعتبر أن لها نغمة مميزة عند التحدث. لقد نشأت على المناقشة ، والتعلم أكثر من التلقن ، وعلى احترام المدرسين وكل من هم أعلى مني ، ثم أصبحت قدوة أمام الطلبة وأحرص على أن اتصرف أمامهم بطريقة مناسبة. بعد 20 عامًا أخذت القرار الصعب وتخيلت عن كل هذا واتجهت إلى الكتابة والاستشارات".

بما أنك سافرت العديد من الدول الأوروبية والعربية والأسيوية ، هل يستطيع العربي الاندماج مع المجتمع المفتوح؟

حمد العزري: "أي واحد يسافر أي بلد ويعيش بها فترة طويلة سيتغير بالتأكيد. السفر والغربة بهما متعة خاصة واستكشاف لجوانب جديدة ، مع شيء من المخاطرة بالقيم والمعتقدات التي تربيت عليها في منزلك. كنت في جلسة نقاشية متوازنة مع الأصدقاء لديهم فلسفات أخرى ومن أديان مختلفة عني ، سألني أحدهم عن الإسلام وتقبل الآخر. وتوقفت كثيرًا عند هذا السؤال ، لأن عندي فضول حول وجهات النظر الأخرى ، ووجدت أنه عادي أن اتقبل الاختلاف ، والتعايش مع الآخرين ، مع الاحتفاظ بالثوابت".

هل السفر يغير من أصولنا الثقافية؟

حمد العزري: "عشت في أمريكا سبع سنوات والحياة هناك مختلفة تمامًا عن الأجواء والتقاليد في موطني سلطنة عُمان ، وكان علي التأقلم مع المجتمع وأسلوب حياته . حدث لي مواقف وأنا أبحث عن مكونات الأكل الحلال في المطاعم والمتاجر، وواجهت صعوبات أخرى أيام صوم شهر رمضان في مجتمع مختلف ، وفي الذهاب إلى الجوامع فقد اعتدت في (مسقط) الصلاة في أي مسجد. لكن عليك في أمريكا اختيار المساجد ، لأن بعضهم يعتبر أكثر من مصلى ، وإنما هو مركز إجتماعي وثقافي. كل هذا كان تحدي بالنسبة لي ، وفي الإجمال ، تعلمت من هذه المرحلة تقبّل الآخر واحترام الوقت والعمل بجدية".

حمد العزري يوثق مقالاته وخواطره التدوينية في "تأملات"

نشر حمد العزري كتابه الأول (تأملات) بعد ١٥ عاماً من التدوين والكتابة الأكاديمية وشيء من الكتابة الصحفية. في كتابه جمع المؤلف مجموعة مختارة من مقالاته التي تتحدث عن التأمل ، التجارب ، التحديات والأفكار التي تقوي النفس.

ما الذي تريد أن تقدمه بكتابتك؟

حمد العزري: "بالنسبة لي ، أحب التكونولوجيا ، السيارات ، السفر وعيش الحياة بما فيها. لكني إنسان فضولي بطبيعتي ، ومؤمن بالله ، وأرى أنه لا يوجد تضاد بين العلم والدين بل على العكس قد خلق الله الإنسان ولديه القدرة على اختيار تفضيلاته في الحياة. في كتاباتي أريد مشاركة الناس اهتمامتي ، وأن يرى الناس شيء من الواقع وأن أزرع فيهم الغوص في خفايا الواقع، وتعلم اكتشاف الذات والمسؤولية الشخصية - والتفكر في عجائب الكون".

وكيف يكتشف الإنسان نفسه؟

حمد: "قد يعتقد الواحد منا أنه يفهم نفسه جيدًا ، لكن في الحقيقة قد لا يعرف بالضبط ما هي رسالته في الحياة. طبعًا ، الواحد منا قد يمُر بالتحديات ، وطبيعي أن تختبره الدنيا. لكن كل كلمة يقولها وكل فعل يقوم به يغير في نفسه أولاً وفي المجتمع من حوله ثانيًا ، وأي شئ يقال له وأي تجربة يتعرض لها تؤثر عليه وعلى طريقة تفكيره. والإنسان يكتشف نفسه ، عندما تتحداه الحياة ويفكر في ضرورة لتغيير سلوكياته التي اعتاد عليها".

Dr. Hamed Alazri حمد العزري

في مدونته (تأملات) يريد الكاتب أن يأخذ جمهوره إلى أجواء مريحة بأسلوب خفيف يمكن أن تقرأه في أي وقت وفي أي مكان.

لماذا لانزال نهتم بالتأمل حتى اليوم؟

حمد العزري: "هناك فرق بين التأمل بمعنى تحقيق السكينة وتهدئة النفس (وهو ما يعرف بالmeditation) ، وبين التأمل بمعنى التفكر في أحداث الحياة وخلق الله بغية الوصول إلى جوهرها ومعانيها العميقة ، وهذا هو المعنى الذي اتبناه في المدونة وفي الكتاب ، الإنسانن يحتاج إلى التفكير والرغبة في الاستكشاف والصبر ليكتشف ذاته الحقيقية".

برأيك التأمل شيء قديم لم يعد موجود في عصرنا؟

حمد: "أرى أن العلم تقدم بشكل كبير وهذا يجعل الإنسان يفكر بشكل مختلف. نحن مثلاً نستطيع حالياً معالجة كثير من الأمراض ، ويمكننا رؤية الجنين وهو في بطن أمه ونعيش الراحة التي لم يتمتع بها من سبقونا. وعلى الرغم من أن التطور التكنولوجي من المفترض أن يقربنا إلى الله أكثر ، ولكن الاختلافات الكبيرة في فهم الدين والتفكير في فلسفة الحياة جعلت شكوك الإنسان تكبر معه".

هل يمكن للعربي أن يعيش بشكل إيجابي وأن يتحدث مع أي شخص آخر؟

حمد العزري: "التربية داخل المنزل عليها عامل كبير ، أحيانا يفرض الوالدان - بحسن نية - قناعاتهما على الأولاد ، وهذا ما يجعل الطفل منغلق. أرى أن يتمسك الآباء بالمثابرة وحسن التواصل مع أطفالهم. كذلك انتقاء الأصدقاء يؤثر في طريقة تفكرينا ، وقد قال رسول الله (الرجل على دين خليله). واختيار الأماكن التي نذهب إليها وبيئة العمل وكل شيء حولنا يستحق أن نفكر فيه ، ومع التركيز على تثبيت جذور القيم والمباديء السليمة. كل هذا بطريقة ما يعلمنا التواصل مع العالم المحيط بنا ، مع تقبل الاختلاف والتعايش مع الواقع".
الدكتور حمد العزري تويتر:@hamedalazri وعلى لينكد إن.
google-playkhamsatmostaqltradent